-
"الإمام السيوطي"...خادم العلم وأكثر من 1000 كتاب فقه يتداول بين القاهرة وعمان
عمان في 24 مايو/أ ش أ/ تقرير/خالد العيسوي
مع مرور 6 سنوات على مباركة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وتحديدا في قصر الحسينية، في أول أيام شهر رمضان المبارك لسنة 1440 هـ، الموافق 6 مايو 2019، على توقيع إنشاء "وقفية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام السيوطي في المسجد الحسيني الكبير"، رصد مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، "لوحة جدارية" بالرخام داخل المسجد الحسيني الكبير وسط العاصمة الأردنية تتضمن تفاصيل وثيقة وقفية كرسي الإمام السيوطي.
وبعد أكثر من 579 عاما، على ذكرى ميلاد الإمام جلال الدين السيوطى، والذي ولد فى 3 أكتوبر من عام 1445، ما زالت أراء الفقهاء والمفكرين تؤكد أن الإمام السيوطي يعد فضلاً عن كونه فقيها ومحدثا ومتكلما ومفسرا ولغويا ونحويا وأديبا وشاعرا ومؤرخا وفيلسوفا، مطلبا كمنهج فقهي متوازن في مختلف الأمور والقضايا الفقية، فيما كانت الوقفية الملكية بعمان له إحياء لسنة الوقف الحضارية ودوره الريادي التعليمي، وبمبادرة من مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي، لتسليط الضوء على تراثه وفكره ومؤلفاته، ورغبة في إحياء الوقف العلمي.
اللوحة الجدارية الرخامية التي تتواجد في المسجد الحسيني الكبير، تكشف عن العديد من التفاصيل التي وردت في وثيقة الوقفية التي وقعها العاهل الأردني قبل 6 سنوات، ومنها أنه شهد توقيع إنشاء"وقفية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام السيوطي في المسجد الحسيني الكبير"، بحضور الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري الملك عبدالله الثاني للشؤون الدينية والثقافية، والمبعوث الشخصي له، وجمع من الشخصيات الإسلامية على رأسها وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري والذي كان يشغل حين التوقيع منصب مستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي للشئون الدينية.
كما تتضمن اللوحة أنه يتم تدريس كرسي الإمام السيوطي في الوقفية الملكية، وفق تفسير الجلالين، وتفسير الدر المنثور، والإتقان في علوم القرآن، فيما جاء تبرع الملك للوقفية كجزء من قيمة جائزة تمبلتون التي تسلمها في شهر نوفمبر عام 2018، وكذلك إنشاء ثلاثة مجالس، أولها مجلس أمناء ومهمته الإشراف على الوقفية، ومجلس مالي استثماري للإشراف على الاستثمار وتنمية أموال الوقفية، ومجلس الكرسي ويتولى الإشراف العلمي المباشر على الوقفية وإصدار التعليمات التنفيذية لكرسي الأستاذية.
وضم مجلس كرسي الوقفية الذي يرأسه الأمير غازي بن محمد، كبير الأعضاء، وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي، ومفتي عام المملكة، ورئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية، وإمام المسجد الحسيني.
وفي عام 2023، وضمن محاضرة ألقاها فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق، في إطار فعاليات المجالس العلمية الهاشمية التي تعقد في شهر رمضان المبارك بالمملكة وتحت رعاية من العاهل الأردني، تحت عنوان: "الإمام السيوطي حياته الشخصية - سيرته الذاتية- وأثره في عصره وما بعده"، أكد خلالها أن الإمام السيوطي يعد شيخ المفتين في عصره، فهو واحد من كبار علماء الأمة الذين أَثْروا الحياة العلمية بعلمهم ومؤلفاتهم خاصة في مصر حيث عاش فيها 60 عاما، وأنتج خلالها العديد من الكتب التي أَثْرَتِ الحياة العلمية والدينية حتى يومنا هذا.
وأضاف مفتي مصر السابق أن الإمام السيوطي لم يكن متعصبًا لرأي أو فتوى بل كان منفتحًا أمام الفتوى ولم يقتصر على الآراء الفقهية في مذهبه الشافعي، بل كان يذهب أيضًا إلى فتوى الجمهور في بعض الأحيان.
واختتم مفتي الجمهورية السابق محاضرته بقوله: "إن الإمام السيوطي في دعواه إلى التجديد والاجتهاد لم يكن متزيدًا ولا متطفلًا على هذا المقام الشريف، بل كان متحدثًا بنعمة الله تعالى عليه شاكرًا ما أفاض الله به عليه من الفنون والعلوم، وكان قائمًا طيلة حياته على خدمة العلوم على اختلافها واتساعها وتنوعها لغة وفقهًا وأصولًا وحديثًا وإفتاءً".
ومؤخرا، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال مشاركته فى حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية المصرية، عدة رسائل تحمل رؤية الدولة فى إعداد إنسان متوازن ومسئول، قادر على الإسهام الإيجابي فى المجتمع، مشيراً إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطي كنموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف 1164 كتابًا خلال حياته.
الإسيوطي تميز باستقلاله العلمي، واعتزاله الحياة العامة في آخر سنواته، حيث قرر التفرغ للعبادة والتأليف في منزله بالقاهرة، وكان يرفض المناصب الرسمية، مكتفيًا بلقب "خادم العلم".
وتوفي الإمام السيوطي فى منزله بروضة المقياس على النيل فى القاهرة فى 19 جمادى الأولى سنة 911 هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م، ودفن خارج باب القرافة فى القاهرة، ومنطقة مدفنه تعرف الآن بمقابر سيدى جلال نسبة إليه، وقبره معروف هناك.
م ش ا
/أ ش أ/