القاهرة في 3 مايو /أ ش أ/ تقرير
في إطار رؤيتها لتحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد قوي ومتنوع، تكثف مصر جهودها نحو توطين الصناعات الاستراتيجية بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.. وتسعى الدولة إلى نقل التكنولوجيا الحديثة، وتدريب الكوادر البشرية، وتحفيز الاستثمار الصناعي عبر مجموعة من المبادرات والسياسات الداعمة.
ويأتي هذا التوجه ضمن خطة طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات الحيوية، وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل، بما يرسخ مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي واعد.
وفي جولة لها بعدد من المصانع في مدينة العاشر من رمضان، وقفت وكالة أنباء الشرق الأوسط، على حقيقة لا تقبل الشك بأن الدولة المصرية تدرك جيدا أن توطين الصناعات لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة النمو الاقتصادي، وتعزيز فرص العمل، وبناء اقتصاد قادر على مواجهة التحديات.. ومع الإرادة السياسية والدعم الحكومي المتواصل، تبدو مصر على الطريق الصحيح نحو تحقيق نهضتها الصناعية المنشودة.
وبدأت جولة الوكالة في مصنع "يويتوبيا" للصناعات الدوائية، الذي تم إنشاؤه على مساحة ثمانية آلاف متر مربع، ويشمل في مرحلته الأولى عددا من خطوط الإنتاج ومعامل الأبحاث والمخازن، بتكلفة استثمارية تقدر بملیار و350 مليون جنيه.
وقال وائل عبدالفتاح مدير المصنع، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، "إن المصنع يوفر نحو 1100 فرصة عمالة مباشرة وفي تخصصات مختلفة، بالإضافة إلى 300 عمالة غير مباشرة لتقديم الخدمات"، موضحا أن عدد المنتجات الإجمالية في المصنع يبلغ 185 منتجا، فيما وصلت مبيعات الشركة في عام 2024 إلى 2.1 مليار جنيه.
وأضاف مدير المصنع أن صادرات الشركة بلغت 320 مليون جنيه مصري عام 2024، فيما تتراوح نسبة المكون المحلي من 70% إلى 90%، مبينا أن المرحلة الأولى من المصنع تشمل ستة خطوط إنتاج (أقراص وكبسولات صلبة وأشربة ونقط وتعبئة أكياس وتعبئة بودرات) بطاقة إنتاجية 120 مليون عبوة سنويا، فيما تشمل المرحلة الثانية ستة خطوط إنتاج وجاهزة للتشغيل خلال ستة شهور لمضاعفة الطاقة الإنتاجية لتصل إلى 240 مليون عبوة.
ونوه إلى أن المرحلة الثالثة للتوسعة المستقبلية ستشمل إنتاج بنج الأسنان وقطرات العين والأمبولات، لافتا إلى أن لدى الشركة مصنعا تحت الإنشاء في المملكة العربية السعودية على مساحة 16 ألفا و800 متر لتغطية منطقة الخليج، كما أنها تمتلك منطقة تغليف تحت الإنشاء في مدينة دار السلام بجمهورية تنزانيا الاتحادية لتغطية دول جنوب وشرق إفريقيا، كما تمتلك الشركة مكاتب في رواندا والكونغو الديمقراطية والإمارات العربية المتحدة.
وبدوره، قال محمد عباس مدير الجودة بالمصنع، في تصريح مماثل، "إن رؤية مصنع "يويتوبيا" هي تقليل استيراد الأدوية تامة الصنع من الخارج وزيادة صادرات المنتج التام من خلال تسجيل وتسويق المنتجات وتوفر الإمكانيات والتكنولوجيا التي يتم استيرادها لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وتصدير الفائض وزيادة نسبة المكون المحلي.
وأضاف: "نحن نصنع المثيل المصري للأدوية المستوردة وليس البديل، ونجحنا في إنتاج 52 منتجا وتسويقها، منهم 19 مستحضرا سريا، كما تم توفير المثيل المحلي بأقل من نصف سعر الجمهور وبنفس الجودة، وكلها منتجات أساسية لعلاج أمراض القلب والضغط والجهاز الهضمي والأطفال والمخ والأعصاب وغيرها".. وأبرز أن الشركه تعتمد خطة دورية لتأمين المخزون من الخامات لمدة ستة شهور، وتأمين المخزون من المنتج التام لمدة ثلاثة أشهر شهور.
وفي سياق متصل، تجولت الوكالة بين خطوط الإنتاج في مصنع "بيكو" للأجهزة المنزلية، القائم على مساحة 14 ألف مترا مربعا بالمنطقة الصناعية بمدينة العاشر من رمضان، ويضم العديد من نماذج المنتجات الرئيسية، ومنها: (أجهزة الثلاجات، والبوتاجازات، وغسالات الأطباق).
وفي هذا الإطار، قال محمد عبدالحق مدير الجودة في "بيكو- مصر" إن "مجمع بيكو الصناعي يُمثل إضافة قوية للاقتصاد المصري بشكل عام، والقطاع الصناعي بشكل خاص، حيث يعتمد المجمع على استخدام مكون محلي بنسبة تبلغ 50%، وهو ما سيدفع الموردين المحليين إلى العمل الدؤوب على تحسين أدائهم ويضعهم على خريطة المنافسة العالمية، فضلا عن أن المصنع سيُسهم في توفير نحو 2000 فرصة عمل".
وأضاف أن المُجمع الصناعي لن يقتصر فقط على تصنيع منتجات العلامة التجارية "بيكو"، بل سيُصنع أيضا أجهزة خاصة بعلامات تجارية أخرى، مثل منتجات شركات "ويرلبول"، التي استحوذت عليها مؤخرا شركة "بيكو العالمية"، وكذا منتجات "أريستون" و"إنديست" و"هيتاشي"، مؤكدا أن هذه العلامات التجارية تمتلك بالفعل حصة سوقية بيعية في مصر، إلا أن تصنيع منتجاتها هنا يعد فرصة جيدة، لما تتمتع به من حصة كبيرة.
وأوضح أن الطاقة الإنتاجية لمجمع "بيكو" الصناعي تبلغ 1.5 مليون جهاز، منوها إلى أن المجمع الصناعي يُلبي احتياجات السوق المحلية بكفاءة عالية، فيما تخطط "بيكو" لتصدير 60% من الإنتاج إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا بقيمة تصدير سنوية تصل إلى 250 مليون دولار.
وقال: إن هذا المصنع دليل على القوة التكنولوجية لشركة "بيكو"، حيث يعتمد على أحدث تقنيات الإنتاج، بما في ذلك الروبوتات المتقدمة والمركبات الموجهة ذاتيًا (AGVs)، بالإضافة إلى احتوائه على بنية تحتية رقمية قوية للتصنيع، ما يضمن أعلى مستويات الكفاءة، وهو ما يعكس التزام "بيكو" الراسخ بالابتكار والاستدامة.
ومن ناحيته، قال عمر بدراوي رئيس قطاع التسويق "إن استثمارنا في مصر يعكس التزامنا الراسخ بتطوير الكفاءات المحلية وتعزيز دور الموردين المحليين عبر بناء شراكات قوية مع المنتجين المحليين".
وأضاف أن هذه المرحلة لم يكن ليكتمل نجاحها لولا الدعم المستمر من الحكومة المصرية، ومنحها "الرخصة الذهبية"، حيث يلعب ذلك دورًا حاسمًا في تحقيق رؤيتنا والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد المصري، وتطوير قطاع التصنيع، ورفع معايير الجودة، إلى جانب تعزيز الابتكار والنمو المشترك.
وأوضح أن مجمع "بيكو" الصناعي سيحتوي على مركز أبحاث وتطوير يمتد على مساحة 1500 متر مربع، مجهز بأحدث التقنيات لمواكبة التطورات في مجال الأجهزة المنزلية، لافتا إلى أن المركز يضم مختبرات بمعايير عالمية، إلى جانب مركز متخصص لتجارب الطهي، بهدف تطوير تقنيات جديدة.
ولفت إلى أن مركز الأبحاث والتطوير سيركز على ابتكار حلول تلبي احتياجات المستهلكين المحليين مع تعزيز عنصر الاستدامة في تصميم المنتجات، مدعومًا بعقد اتفاقيات تعاون مع عدد من الجامعات المحلية لتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة، وتعزيز الأبحاث المتعلقة بكفاءة الطاقة وجودة المنتجات، مما يسهم في تطوير مهارات المهندسين ودعم الاقتصاد المحلي.
ومن الأجهزة المنزلية إلى الصناعات الدقيقة، حيث استؤنفت الجولة داخل مصنع "فيفو" لتكنولوجيا الاتصالات المتخصصة في تصنيع الهواتف الذكية، والذي يتمتع بتقنيات متطورة لخطوط التصنيع؛ بدءاً من خط تصنيع اللوحة الأم للهواتف الذكية، والذي يعد أحدث خط إنتاج في العالم، ثم خط تجميع المنتج وأجهزة التركيب السطحي، ومراحل المعايرة والاختبار، حيث يتم استخدام أحدث تقنيات عمليات الاختبار لضمان تلبية احتياجات السوقين المحلية والعالمية بشكل فعال، وتقديم منتجات ذات جودة عالية، وصولا إلى مراحل التعبئة والتغليف، والتعرف على نماذج من المنتج النهائي الجاهز للأسواق.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول العلاقات العامة في المصنع "إن مصنع "فيفو" في مصر بدأ بالفعل عمليات تصدير اللوحة الأم للهاتف الذكي إلى مصنع الشركة بتركيا، كما يُحقق المصنع قيمة مضافة محلية بنسبة 42%، ويعمل على زيادة هذه النسبة؛ وكذا زيادة المكون المحلي".
وأوضح أنه تم إنشاء مصنع "فيفو" بمصر عام 2022 على مساحة 11 ألف مترا مربعا بقدرة إنتاجية تصل إلى 500 ألف وحدة شهرياً، واستثمارات تقدر بنحو 20 مليون دولار، منوها إلى أن هذا المصنع يُعد الأول للشركة في إفريقيا، ويوفر الآن نحو 1200 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ولفت إلى أن شركة "فيفو" تعدُ إحدى الشركات الصينية الرائدة عالمياً في صناعة الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية، وتعمل في أكثر من 60 دولة حول العالم، ولها سبعة مصانع في (الهند، والصين، وبنجلاديش، وإندونيسيا، وباكستان، وتركيا، ومصر)، بالإضافة إلى تسعة مراكز للبحث والتطوير في تكنولوجيا الاتصالات على مستوى العالم.
ف ط م
/أ ش أ/
رؤية مصرية لتوطين الصناعات الاستراتيجية.. الدولة تكثف جهودها لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية
مصر/الشرقية/مصانع/صناعة استراتيجية/عسكرى
You have unlimited quota for this service